تعد القلاع والحصون في عمان أهم الوجهات التاريخية التي بقيت شاهقة تتبختر أمام تحديات الزمن. أصبحت هذه الحصون والقلاع اليوم شواهد تاريخية حية تحكي عن بطولة العمانيين في الدفاع عن الوطن كما أنّها تذكّر الإنسان بأخطر الأحداث والقضايا المرتبطة بتاريخ هذا الشعب. بناء معظم هذه القلاع والحصون وسط بساتين النخل الخضراء والخلابة وإطلالتها على القرى والشواطئ تزوّد السفرات التاريخية بنكهات طبيعية وجغرافية منقطعة النظير لا يمكن تذوقها إلا في عمان.
سنتعرّف في هذا المقال علی أهمّ القلاع والحصون التي لابدّ من زیارة إحداها حین الذهاب إلی سطنة عمّان بسبب تقدیمها لمحات تاریخیّة وثقافیّة عن سلطنة عمّان.
قلعة البهلاء
تعد قلعة البهلاء أهم قلاع عمان وأكبرها مساحة. تقع قلعة البهلاء في محافظة الداخلية لعمان وفي قرية البهلاء. كانت قلعة البهلاء مقر حكم بني نبهان في فترة القرن الثاني عشر حتى الخامس عشر وهي من أهم المعالم الأثریّة التي تم تسجيلها في قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1987.
يُحكى أنه وُضع الحجر الأساس لبناء هذه القلعة في الألفية الثالثة قبل الميلاد وتعرضت هذه القلعة إلى عمليات ترميم مختلفة على مر العصور. تضم هذه القلعة بعض اللوحات التي تعرض للقارئ لمحات من التاريخ العماني والأحداث التي مرت بها.
ممّا يميز هذه القلعة عن القلاع الأخرى في عمان هو السور الذي يبلغ مسافة 12 كيلومتر تقريباً والذي بُني لأغراض دفاعية كما أنه مزوّد بغرف لاستراحة الجنود وأبراج ومرام للسهام والبنادق. على الرغم من أنّه لم يحدّد تاريخ بناء هذا السور إلّا أنّه خُمّن بأنه يعود إلى فترات بعيدة من الزمن.
يمكن مشاهدة مجموعة كبيرة من الأبراج في هذه القلعة كما أنه یمکن الإشراف علی مدينة بهلاء والاستمتاع من جمال بساتين النخيل من خلال الوقوف علی القلعة حيث تم بناء هذه القلعة الطينية على أعلى نقطة من القریة.
قلعة نزوى
قلعة نزوى من أشهر قلاع عمان. تقع هذه القلعة في محافظة نزوى.
تم بناء قلعة نزوى في القرن السابع عشر وبأمر من سلطان بن سيف الامير اليعربي.
يُحكى أنّه استغرق بناء هذه القلعة 17 عاما من الزمن. ما يميز هذه القلعة هو برجها الدائري والذي يبلغ ارتفاعه 40 مترا.
إطلالة قلعة نزوی على مدينة نزوی وجبال الحجر وكذلك بساتين النخيل هي أجمل الأشياء التي يمكن تجربتها بالصعود على أبراج القلعة. سوق ومسجد نزوى كذلك من التحف التاريخية التي ضاعفت من جمال قلعة نزوى.
تنقسم قلعة نزوى على عدة أقسام، القسم الأول وهو الدور الأرضي والذي كان يستخدم لتخزين المواد والدور الثاني وهو كان مقر حكم الإمام واستقبال الضيوف والدور الثالث وهو کان محلاً لاستراحة ضيوف الإمام أمّا القسم الأخیر فهو كان مخصص لاستراحة الإمام والضيوف المقربين.
تحتوي قلعة نزوى على مدافع عدیدة تم توجيهها من خلال الفتحات إلى خارج القلعة. الأبواب الخشبية والهائلة في قلعة نزوى والفتحات التي فوقها تحكي عن حيلة قلب الزيوت المغلية على الأعداء. الطين والأحجار والصاروج هي المواد التي صُنعت منها قلعة نزوی.
حصن مطرح
يقع حصن مطرح في قرية مطرح التابعة لمدينة مسقط. بنا البرتغاليون هذا الحصن الشاهق في حقبة حضورهم الاستعماري في عمان على نتوء صخري شاهق يلفت الأنظار من أبعد المسافات.هذا الحصن المُطل على الشاطئ كان مقراً لحماة الوطن بعد إخراج البرتغاليين كما أنه يحكي عن مدي حرص العمانيين على حفظ حدود البلاد.
يقع حصن مطرح في منطقة استراتيجية ومهمة جدا حيث كان بإمكان الجنود أن يطلّوا على الحدود البحرية والبرية للمدينة. يقدم حصن مطرح إطلالات منقطعة النظير من منطقة مطرح والجبال المحيطة بها وكذلك البحر الذي يقع أمامه.
بُني هذا البرج بواسطة أمراء هرمز كما أنه كان مركز حكم ومقر للسلطات البرتغالية واليعاربة والبوسعيديين على فترات مختلفة من الزمن. دُفن السيد ثويني بن سلطان في هذا الحصن. حصن مطرح الذي شهد الكثير من الأحداث المصيرية في تاريخ عمان تعرض لترميمات مختلفة على مر العصور ساعدته على وقوفه شاهقاً أمام أحداث الزمن.
قلعة الرستاق
قلعة الرستاق من أجمل الوجهات التاريخية التي تحتل مكانة خاصة عند العمانيين. يعود تاريخ بناء هذه القلعة إلى عصور قديمة من الزمن.. حيث كان يحكم الفرس على معظم مناطق الشرق الأوسط.
تقع قلعة الرستاق في سفح جبال الحجر وعلى حافة سهل الباطنة. ممّا جعل من هذا المكان وجهة محببة عند السواح هو وقوعه بين منطقة خصبة بالأودية الخلابة وبساتين النخيل.
تعود قدمة هذا البناء التاريخي إلى الأئمة اليعربيين حيث بُني هذا الحصن بأمر من الإمام ناصر بن مرشد في سنة 1634 وعلى أنقاض برج بناه كسرى أنوشروان ملك الفرس.
هذه القلعة هي كانت مقر حكم الأمراء العمانيين لفترات مختلفة من الزمن. الأبراج الأربعة التي تزين هذه القلعة والخشب المنحوت المستخدم في القلعة وكذلك الهندسة المعمارية الجميلة والأفلاج التي تم تصمميها لري النخيل هي من أجمل الأشياء التي يمكن مشاهدتها حين الذهاب إلى قلعة الرستاق. دفن الإمام ناصر وكذلك الإمام سيف بن سلطان في هذه القلعة.
حصن الحزم
حصن الحزم من الحصون المهمة الأخرى في عمان. يقع حصن الحزم في ولاية الرستاق إحدى مدن محافظة باطنة.
تم بناء هذا الحصن بواسطة الإمام سلطان بن سيف اليعربي وذلك عام 1711. حصن الحزم كان محل إقامة الأمير سلطان بن سيف كما أنه دُفن كذلك في هذا الحصن. هذا الحصن هو من أجمل تحف الهندسة المعمارية الإسلامية.
يبلغ ارتفاع جدار حصن الحزم ثلاثة أمتار كما أنه يمتلك بوابات عديدة. مما يميز هذا الحصن هي الأنفاق التي تم تصميمها تحت الحصن وكانت بمثابة طرق خفية يمكن الوصول من خلالها إلى نقاط مختلفة من المدينة.
بوابة حصن الحزم المنحوتة هي من أجمل الأشياء التي يمكن مشاهدتها في الحصن، يُحكى أنها نُقلت من مدينة سورات إلى عمان بواسطة 13 من الخيول القوية. المنحوتات المختلفة على جدران القلعة من الداخل وكذلك المدافع المختلفة التي تم جلبها من المملكة المتحدة والهند وألمانيا وبولندا والجزيرة الأيبيرية هي الأشياء الأخرى التي تلفت النظر في حصن الحزم.
حصن صحار
يقع حصن صحار في شمال محافظة الباطنة وفي مدينة صحار.
يُحكى أنه يعود تاريخ بناء هذا الحصن إلى القرن الثالث عشر الميلادي.
هناك علاقة وثيقة بين بناء هذا الحصن وموقع مدينة صحار إذ كانت صحار نقطة تجارية مهمة تربط بين البحر الأحمر والهند والشرق البعيد.
تم إعادة بناء حصن صحار عام 1621 بواسطة معمار برتغالي.
تم افتتاح متحف عام 1993 يعرض العديد من التحف الأثرية واللوحات التي تحكي عن تاريخ مدينة صحار والمدن المجاورة.
بُني هذا البرج بواسطة أمراء هرمز كما أنه كان مركز حكم ومقر للسلطات البرتغالية واليعاربة والبوسعيديين على فترات مختلفة من الزمن. دُفن السيد ثويني بن سلطان في هذا الحصن. حصن صحار والذي شهد الكثير من الأحداث المصيرية في تاريخ عمان تعرض لترميمات مختلفة على مر العصور ساعدته على وقوفه شاهقاً أمام أحداث الزمن.
قلعتا الجلالي والميراني
قلعتا الجلالي والميراني هما رمزا مدينة مسقط. تقع هاتان القلعتان في شمال شرق مدينة مسقط. على الرغم من أنه لايمكن الدخول في القلعتين إلّا أنهما مازالتا من أبرز الوجهات للعديد من السواح.
بنيت قلعتا الجلالي والميراني بواسطة البرتغاليين عام 1588. كانتا قد استخدمت قلعتا الميراني والجلالي على مر الزمن لأغراض مختلفة منها سجن وثكن عسكرية ومحل إقامة للجنود والامراء.
تم بناء القلعتان على نتوء صخري یطل علی حافة الشاطئ ولا طريق للوصول إلى القلعتان ما عدا جسر صغير ينتهي إلى أحد المعاقل.
بسبب وقوع القلعتان علي القرب من البعض وكذلك القافية المشتركة بين اسميهما تُذكر أسماء القلعتان مع بعض دائماً. مشاهدة غروب الشمس والوقوف على القرب من القلعتان والتقاط الصور تجعل الإنسان يشعر بثمن الوقت والحياة إذ تحكي القلعتان عن مرور الزمن كلمح البصر.
بسبب الدور البارز والإستراتیجي لقلاع وحصون عمّان في الحفاظ علی هذا البلد بُنیت الکثیر من تلك القلاع في القرون الماضیة حاولت أن أشیر إلی أجملها وأهمّها في هذا المقال والتي تستحق الزیارة والمشاهدة عن قرب. قلعة خصب وقلعة نخل وحصن الحلة وحصن المنترب وحصن جبرين من الحصون الأخری التي یمکن زیارتها في سلطنة عمّان.